کد مطلب:90503 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:253

خطبة له علیه السلام (16)-فی الحثّ علی الاستعداد للموت















بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحیمِ اَلْحَمْدُ للَّهِ الَّذی جَعَلَ الْحَمْدَ مِفْتَاحاً لِذِكْرِهِ، وَ سَبَباً لِلْمَزیدِ مِنْ فَضْلِهِ، وَ دَلیلاً عَلی آلائِهِ وَ عَظَمَتِهِ.

عَزیزَ الْجُنْدِ، عَظیمَ الْمَجْدِ.

أَحْمَدُهُ عَلی تَظَاهُرِ نِعَمِهِ[1] شُكْراً لإِنْعَامِهِ، وَ أُثْنی عَلَیْهِ لِكَرَمِهِ وَ جَلاَلِهِ[2]، وَ أَسْتَعینُهُ عَلی تَأْدِیَةِ[3] وَظَائِفِ حُقُوقِهِ، وَ إِلْهَامِ تَوْفیقِهِ، وَ وَفَاءِ مَوَاثیقِهِ.

وَ أَسْتَغْفِرُهُ مَغْفِرَةً یَغْفِرُ بِهَا ذُنُوبَنَا، وَ یَسْتُرُ بِهَا عُیُوبَنَا.

وَ أُؤْمِنُ بِالَّذی مَنْ آمَنَ بِهِ أَمِنَ عِقَابَهُ، وَ وَقی عَذَابَهُ، وَ اسْتَحَقَّ ثَوَابَهُ.

وَ أَتَوَكَّلُ عَلَیْهِ تَوَكُّلَ رَاضٍ بِقَضَائِهِ، صَابِرٍ لِبَلاَئِهِ، شَاكِرٍ لآلاَئِهِ.

وَ أَسْتَهْدیهِ بِهُدَاهُ الَّذِی الاِقْتِصَارُ عَلَیْهِ سَلاَمَةٌ، وَ التَّمَسُّكُ بِهِ اسْتِقَامَةٌ، وَ التَّرْكُ لَهُ نَدَامَةٌ.

وَ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ ضَلاَلَةٍ بَیِّنٌ تَضْلیلُهَا، حَذِرٌ تَوْبیلُهَا.

وَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَریكَ لَهُ، شَهَادَةَ رَاغِبٍ، تَائِبٍ، صَادِقٍ، مُوقِنٍ، مُسْتَیْقِنٍ،

مُحِقٍّ، مُسْتَحِقٍّ بِشَهَادَتِهِ مَا اسْتَحَقَّ أَهْلُ طَاعَتِهِ مِنْ مَذْخُورِ كَرَامَتِهِ[4].

[صفحه 209]

وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ، أَرْسَلَهُ بِنُورٍ مُبینٍ سَاطِعٍ، وَ كِتَابٍ مُحْكَمٍ جَامِعٍ، وَ حَقٍّ عَنِ الْبَاطِلِ شَاسِعٍ، إِلی أَهْلِ جَاهِلِیَّةٍ جَهْلاَءَ، یَعْبُدُونَ الأَصْنَامَ، وَ یُحِلُّونَ الْحَرَامَ، وَ یَسْتَقْسِمُونَ بِالأَزْلاَمِ،

فَ[5] دَعَا إِلی طَاعَتِهِ، وَ قَاهَرَ أَعْدَاءَهُ جِهَاداً عَنْ دینِهِ، لاَ یَثْنیهِ عَنْ ذَلِكَ اجْتِمَاعٌ عَلی تَكْذیبِهِ، وَ الْتِمَاسٌ لإِطْفَاءِ نُورِهِ.

فَبَلَّغَ عَنْهُ حَقَائِقَ الرِّسَالَةِ، وَ اسْتَنْقَذَ بِهِ مِنْ بَوَائِقِ الْضَّلاَلَةِ، وَ نَكَبَ لَهُ وَثَائِقَ عُری أَهْلِ الْجَهَالَةِ،

وَ كَانَ، كَمَا وَصَفَهُ اللَّهُ، بِهِمْ رَؤُوفاً رَحیماً، صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ.

أُوصیكُمْ، عِبَادَ اللَّهِ، بِتَقْوَی اللَّهِ، فَإِنَّ تَقْوَی اللَّهِ نَجَاةٌ مِنْ كُلِّ غَصَبٍ، وَ قُرْبَةٌ إِلی كُلِّ رَغَبٍ، وَ مَعْقِلٌ مِنْ كُلِّ هَرَبٍ، وَ هِیَ وَصِیَّةٌ غِبُّ الْعَمَلِ بِهَا حُبُورٌ، وَ عَافِیَةٌ وَ سُرُورٌ، وَ سَعْیُ الْعَمَلِ بِهَا مَشْكُورٌ.

وَ أُحَذِّرُكُمْ مَعْصِیَةَ اللَّهِ، فَإِنَّ لَهَا قَائِداً إِلَی الْهَلاكِ، وَ ذَائِداً عَنِ الْفَكَاكِ، تَذُودُ عَنْهُ كُلَّ مُسْتَهْلَكٍ،

[ وَ ] تَسْلُكُ بِهِ مِنَ الرَّدی كُلَّ مَسْلَكٍ، تَعْمَدُ بِهِ عَنْ طَریقِ الْهُدی، وَ تُرْدیهِ مِنْ شَوَاهِقِ الرَّدی[6].

أُوصیكُم، أَیُّهَا النَّاسُ، بِتَقْوَی اللَّهِ، وَ كَثْرَةِ حَمْدِهِ عَلی آلاَئِهِ إِلَیْكُمْ، وَ نَعْمَائِهِ عَلَیْكُمْ وَ بَلاَئِهِ لَدَیْكُمْ.

فَكَمْ خَصَّكُمْ بِنِعْمَةٍ، وَ تَدَارَكَكُمْ بِرَحْمَةٍ.

أَعْوَرْتُمْ لَهُ فَسَتَرَكُمْ، وَ تَعَرَّضْتُمْ لأَخْذِهِ فَأَمْهَلَكُمْ.

فَاعْتَصِمُوا بِتَقْوَی اللَّهِ، فَإِنَّ لَهَا حَبْلاً وَثیقاً عُرْوَتُهُ، وَ مَعْقِلاً مَنیعاً ذِرْوَتُهُ، لاَ یَرُومُ أَهْلُ الْمَعْصِیَةِ نَیْلَ مَرَامِهَا، وَ لاَ یَهْتَدُونَ لأَعْلاَمِهَا، وَ لا یُسَدَّدُونَ لإِلْهَامِهَا[7].

وَ أُوصیكُمْ بِذِكْرِ الْمَوْتِ وَ إِقْلاَلِ الْغَفْلَةِ عَنْهُ.

وَ كَیْفَ[8] غَفْلَتُكُمْ[9] عَمَّا لَیْسَ یَغْفَلُكُمْ[10]، وَ طَمَعُكُمْ[11] فیمَا لَیْسَ یُمْهِلُكُمْ.

[صفحه 210]

فَكَفی وَاعِظاً بِمَوْتی عَایَنْتُمُوهُمْ، حُمِلُوا إِلی قُبُورِهِمْ غَیْرَ رَاكِبینَ، وَ أُنْزِلُوا فیهَا غَیْرَ نَازِلینَ،

فَكَأَنَّهُمْ لَمْ یَكُونُوا لِلدُّنْیَا عُمَّاراً، وَ كَأَنَّ الآخِرَةَ لَمْ تَزَلْ لَهُمْ دَاراً.

أَوْحَشُوا مَا كَانُوا یُوطِنُونَ، وَ أَوْطَنُوا مَا كَانُوا یُوحِشُونَ، وَ اشْتَغَلُوا بِمَا فَارَقُوا، وَ أَضَاعُوا مَا إِلَیْهِ انْتَقَلُوا، لاَ عَنْ قَبیحٍ یَسْتَطیعُونَ انْتِقَالاً، وَ لاَ فی حَسَنٍ یَسْتَطیعُونَ ازْدِیَاداً.

أَنِسُوا بِالدُّنْیَا فَغَرَّتْهُمْ، وَ وَثِقُوا بِهَا فَصَرَعَتْهُمْ.

فَسَابِقُوا، رَحِمَكُمُ اللَّهُ، إِلی مَنَازِلِكُمُ الَّتی أُمِرْتُمْ أَنْ تَعْمُرُوهَا[12]، وَ الَّتی رُغِّبْتُمْ فیهَا، وَ دُعیتُمْ إِلَیْهَا.

وَ اسْتَتِمُّوا نِعَمَ اللَّهِ عَلَیْكُمْ بِالصَّبْرِ عَلی طَاعَتِهِ، وَ الْمُجَانَبَةِ لِمَعْصِیَتِهِ، فَإِنَّمَا أَنْتُمْ سَیَّارَةُ مَنْهَجٍ مُسَابِقٌ إِلَی الْغَایَةِ، وَ دَالٌّ وَ مُرْتَجٍ، وَ مَسْبُوقٌ مُتَرَدِّدٌ فی عَیٍّ مُلْجِجٍ، فَإِنَّ اللَّهَ یَقُولُ فی كِتَابِهِ:

اَلسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ[13].

وَ بَادِرُوا الْمَوْتَ وَ سَكَرَاتِهِ[14] وَ غَمَرَاتِهِ، وَ فَوْرَاتِهِ وَ سَوْرَاتِهِ[15]، وَ امْهَدُوا لَهُ قَبْلَ حُلُولِهِ،

وَ أَعِدُّوا لَهُ قَبْلَ نُزُولِهِ.

وَ اغْتَنِمُوا الصِّحَّةَ فِی الدُّنْیَا فَإِنَّهَا مَنْهَجُ الْعِبَادِ، وَ إِنَّ الْمَوْتَ هُوَ الْجَادُّ، وَ[16] إِنَّ الْغَایَةَ یَوْمَ التَّنَادِ[17].

وَ كَفی بِالْمَوْتِ سَائِقاً وَ لا حِقاً وَ نَاعِقاً، وَ كَفی بِالتَّفَكُّرِ[18] بِذَلِكَ وَاعِظاً لِمَنْ عَقَلَ، وَ حَافِظاً لِمَنْ عَمِلَ[19]، وَ مُعْتَبَراً لِمَنْ جَهِلَ.

وَ مِنْ وَرَاءِ الْمَوْتِ، وَ[20] قَبْلَ بُلُوغِ الْغَایَةِ[21] مَا تَعْلَمُونَ، مِنْ ضیقِ الأَرْمَاسِ، وَ طُولِ الْیَأْسِ[22]،

[صفحه 211]

وَ شِدَّةِ الاِبْلاَسِ، وَ هَوْلِ الْمُطَّلَعِ، وَ طُولِ الْجَزَعِ[23]، وَ رَوْعَاتِ الْفَزَعِ، وَ اخْتِلاَفِ الأَضْلاَعِ، وَ اسْتِكَاكِ الأَسْمَاعِ، وَ تَعَرُّقِ الأَوْصَالِ، وَ مُعَایَنَةِ الأَهْوَالِ[24]، وَ ظُلْمَةِ اللَّحْدِ، وَ خیفَةِ الْوَعْدِ، وَ غَمِّ[25] الضَّریحِ، وَ رَدْمِ الصَّفیحِ، فَإِنَّ غَداً مِنَ الْیَوْمِ قَریبٌ.

مَا أَسْرَعَ السَّاعَاتِ فِی الْیَوْمِ، وَ أَسْرَعَ الأَیَّامَ فِی الشَّهْرِ، وَ أَسْرَعَ الشُّهُورَ فِی السَّنَةِ، وَ أَسْرَعَ السِّنینَ فِی الْعُمُرِ.

عِبَادَ اللَّهِ، إِنَّ الدَّهْرَ یَجْری بِالْبَاقینَ كَجَرْیِهِ بِالْمَاضینَ، لاَ یَعُودُ مَا قَدْ وَلَّی مِنْهُ، وَ لاَ یَبْقی سَرْمَداً مَا فیهِ[26]، آخِرُ فِعَالِهِ كَأَوَّلِهِ، مُتَسَابِقَةٌ[27] أُمُورُهُ، مُتَظَاهِرَةٌ أَعْلاَمُهُ.

فَكَأَنَّكُمْ بِالسَّاعَةِ تَحْدُوكُمْ حَدْوَ الزَّاجِرِ بِشَوْلِهِ، فَمَنْ شَغَلَ نَفْسَهُ بِغَیْرِ نَفْسِهِ تَحَیَّرَ فِی الظُّلُمَاتِ، وَ ارْتَبَكَ فِی الْهَلَكَاتِ، وَ مَدَّتْ بِهِ شَیَاطینُهُ فی طُغْیَانِهِ، وَ زَیَّنَتْ لَهُ سَیِ ءَ[28] أَعْمَالِهِ.

فَالْجَنَّةُ غَایَةُ السَّابِقینَ، وَ النَّارُ غَایَةُ الْمُفَرِّطینَ.

إِعْلَمُوا، عِبَادَ اللَّهِ، أَنَّ التَّقْوی دَارُ حِصْنٍ عَزیزٍ، وَ الْفُجُورَ دَارُ حِصْنٍ ذَلیلٍ، لاَ یَمْنَعُ أَهْلَهُ، وَ لاَ یُحْرِزُ مَنْ لَجَأَ إِلَیْهِ.

أَلاَ وَ بِالتَّقْوی تُقْطَعُ حُمَةُ الْخَطَایَا، وَ بِالْیَقینِ تُدْرَكُ الْغَایَةُ الْقُصْوی.

فَاللَّهَ اللَّهَ، عِبَادَ اللَّهِ، فَإِنَّ الدُّنْیَا مَاضِیَةٌ بِكُمْ عَلی سَنَنٍ، وَ أَنْتُمْ وَ السَّاعَةُ فی قَرَنٍ.

وَ كَأَنَّهَا قَدْ جَاءَتْ بِأَشْرَاطِهَا، وَ أَزِفَتْ بِأَفْرَاطِهَا، وَ وَقَفَتْ بِكُمْ عَلی صِرَاطِهَا.

وَ كَأَنَّهَا قَدْ أَشَرَفَتْ بِزَلاَزِلِهَا، وَ أَنَاخَتْ بِكَلاَكِلِهَا.

وَ انْصَرَمَتِ[29] الدُّنْیَا بِأَهْلِهَا، وَ مَضَتْ بِهِمْ عَلی مَهْلِهَا[30]، وَ أَخْرَجَتْهُمْ مِنْ حِضْنِهَا، وَ كَانَتْ

[صفحه 212]

كَیَوْمٍ مَضی، أَوْ شَهْرٍ[31] انْقَضی، وَ صَارَ جَدیدُهَا رَثّاً، وَ سَمینُهَا[32] غَثّاً.

وَ نُفِخَ فِی الصُّورِ فَإِذَاهُمْ مِنَ الأَجْدَاثِ إِلی رَبِّهِمْ یَنْسِلُونَ قَالُوا یَا وَیْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمنُ وَ صَدَقَ الْمُرْسَلُونَ[33].

فَحُشِرَ جَمیعُ الْخَلْقِ، مِنْ غَرْبٍ وَ شَرْقٍ، فَقُضِیَ بَیْنَهُمْ بِالْحَقِّ، فی یَوْمِ حَسْرَةٍ وَ تَأَسُّفٍ، وَ كَآبَةٍ وَ تَلَهُّفٍ، وَ جَزَعٍ وَ هَلَعٍ، وَ حُزْنٍ وَ غَبْنٍ، وَ عَبْرَةٍ وَ سَكْرَةٍ، وَ بُعْدِ رَدَّةٍ وَ تَتَابُعِ شِدَّةٍ وَ طُولِ مُدَّةٍ، وَ هَوْلٍ لَیْسَ كَالأَهْوَالِ، وَ أَغْلاَلٍ لَیْسَتْ كَالأَغْلاَلِ[34].

فی مَوْقِفٍ ضَنْكِ الْمَقَامِ، وَ یَوْمٍ لَیْسَ كَالأَیَّامٍ[35]، وَ أُمُورٍ مُشْتَبِهَةٍ[36] عِظَامٍ، وَ نَصَبٍ مَوْكُوسٍ،

وَ حَظٍّ مَنْحُوسٍ.

فی[37] نَارٍ شَدیدٍ كَلَبُهَا، عَالٍ لَجَبُهَا، سَاطِعٍ لَهَبُهَا، مُتَغَیِّظٍ زَفیرُهَا، مُتَأَجِّجٍ سَعیرُهَا، مُسْتَطیرٍ شَرَرُهَا[38]، ذَاكٍ وُقُودُهَا، بَعیدٍ خُمُودُهَا، مَخُوفٍ وَعیدُهَا، عَمٍ[39] قَرَارُهَا، شَدیدٍ اسْتِعَارُهَا[40]، مُظْلِمَةٍ أَقْطَارُهَا، حَامِیَةٍ قُدُورُهَا، فَظیعَةٍ أُمُورُهَا.

شَرَابُهُمْ فیهَا الصَّدیدُ، مَعَ الْمُهْلِ وَ مَقَامِعِ الْحَدیدِ، وَ تَبْدیلِ جُلُودٍ كُلَّمَا نَضَجَتْ جُلُودٌ، مَعَ أَقْرَاحٍ مِنَ الْعَذَابِ الدَّائِمِ، وَ أَرْوَاحٍ مِنَ الْعَذَابِ اللاَّزِمِ، وَ مَعَ حَرِّ السَّمُومِ، وَ تَصَهُّرِ الزَّقُّومِ، وَ نَمیرِ الْحَمیمِ، وَ غَلْی الْجَحیمِ.

نَعُوذُ بِالَّذی خَلَقَهَا مِنْ شُرُورِهَا وَ أَلیمِ سَعیرِهَا[41].

[صفحه 213]

وَ سیقَ الَّذینَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَی الْجَنَّةِ زُمَراً[42].

قَدْ أَمِنُوا الْعَذَابَ[43]، وَ انْقَطَعَ عَنْهُمُ الْعِتَابُ، وَ فُتِّحَتْ لَهُمُ الأَبْوَابُ[44]، وَ زُحْزِحُوا عَنِ النَّارِ،

وَ اطْمَأَنَّتْ بِهِمُ الدَّارُ، وَ رَضُوا الْمَثْوی وَ الْقَرَارَ.

اَلَّذینَ كَانَتْ أَعْمَالُهُمْ فِی الدُّنْیَا زَاكِیَةً، وَ أَعْیُنُهُمْ مِنْ خَوْفِهِ[45] بَاكِیَةً.

وَ كَانَ لَیْلُهُمْ فی دُنْیَاهُمْ نَهَاراً تَخَشُّعاً وَ اسْتِغْفَاراً، وَ كَانَ نَهَارُهُمْ فیهَا[46] لَیْلاً تَوَحُّشاً وَ انْقِطَاعاً.

لَمْ یُلْهِهِمُ الأَمَلُ عَنِ التَّأَهُّبِ لانْقِطَاعِ الأَجَلِ[47].

فَجَعَلَ اللَّهُ لَهُمُ الْجَنَّةَ[48] ثَوَاباً، وَ كَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَ أَهْلَهَا[49].

یَقُولُ اللَّهُ تَعَالی: سَارِعُوا إِلی مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَ جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّموَاتُ وَ الأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقینَ[50].

تَبْهَجُ الأَنْفُسُ لِخَضْرَتِهَا، وَ تَسْتَریحُ الْقُلُوبُ لِحُسْنِهَا وَ نَضْرَتِهَا.

ذَاتُ رِیَاضٍ مُونِقَةٍ، وَ أَزْوَاجٍ [ مُطَهَّرَةٍ، وَ حُورٍ ] عینٍ، وَ خَدَمٍ كَاللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ.

فی قُصُورٍ مِنْ یَاقُوتٍ مُنیفَةٍ، وَ غُرَفٍ مُشْرِفَةٍ مَحْفُوفَةٍ، وَ سُرُرٍ مُتَقَابِلَةٍ مَصْفُوفَةٍ[51].

فی مُلْكٍ دَائِمٍ، وَ نَعیمٍ قَائِمٍ، وَ عَیْشٍ مُلاَئِمٍ، وَ شَمْلٍ غَیْرِ مُفَاقِمٍ، وَ فَاكِهَةٍ مِمَّا یَتَخَیَّرُونَ وَ لَحْمِ طَیْرٍ مِمَّا یَشْتَهُونَ[52]، وَ كَأْسٍ مِنْ مَعینٍ لاَ یُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَ لاَ یُنْزِفُونَ[53].

[صفحه 214]

عِبَادَ اللَّهِ، أَللَّهَ اللَّهَ فی أَعَزِّ الأَنْفُسِ عَلَیْكُمْ، وَ أَحَبِّهَا إِلَیْكُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَ[54] تَعَالی قَدْ أَوْضَحَ لَكُمْ سَبیلَ الْحَقِّ، وَ أَنَارَ طُرُقَهُ، فَشِقْوَةٌ لاَزِمَةٌ، أَوْ سَعَادَةٌ دَائِمَةٌ.

فَتَزَوَّدُوا فی أَیَّامِ الْفَنَاءِ لأَیَّامِ الْبَقَاءِ، فَقَدْ دُلِلْتُمْ عَلَی الزَّادِ، وَ أُمِرْتُمْ بِالظَّعْنِ، وَ حُثِثْتُمْ عَلَی الْمَسیرِ، فَإِنَّمَا أَنْتُمْ كَرَكْبٍ وُقُوفٍ لاَ یَدْرُونَ مَتی یُؤْمَرُونَ بِالسَّیْرِ[55].

أَلاَ فَمَا یَصْنَعُ بِالدُّنْیَا مَنْ خُلِقَ لِلآخِرَةِ، وَ مَا یَصْنَعُ بِالْمَالِ مَنْ عَمَّا قَلیلٍ یُسْلَبُهُ، وَ تَبْقی عَلَیْهِ تَبِعَتُهُ وَ حِسَابُهُ.

عِبَادَ اللَّهِ، إِنَّهُ لَیْسَ لِمَا وَعَدَ اللَّهُ مِنَ الْخَیْرِ مَتْرَكٌ، وَ لاَ فیمَا نَهَی اللَّهُ عَنْهُ مِنَ الشَّرِّ مَرْغَبٌ.

عِبَادَ اللَّهِ، احْذَرُوا یَوْماً تُفْحَصُ فیهِ الأَعْمَالُ، وَ یَكْثُرُ فیهِ الزِّلْزَالُ، وَ تَشیبُ فیهِ الأَطْفَالُ.

فَارْعَوْا، عِبَادَ اللَّهِ، مَا بِرِعَایَتِهِ یَفُوزُ فَائِزُكُمْ، وَ بِإِضَاعَتِهِ یَخْسَرُ مُبْطِلُكُمْ.

وَ بَادِرُوا آجَالَكُمْ بِأَعْمَالِكُمْ، فَإِنَّكُمْ مُرْتَهَنُونَ بِمَا أَسْلَفْتُمْ، وَ مَدینُونَ بِمَا قَدَّمْتُمْ، وَ مُطَالَبُونَ بِمَا خَلَّفْتُمْ[56].

وَ كَأَنْ قَدْ نَزَلَ بِكُمُ الْمَخُوفُ، فَلاَ رَجْعَةَ تَنَالُونَ، وَ لاَ عَثْرَةَ تُقَالُونَ.

إِعْلَمُوا، عِبَادَ اللَّهِ، أَنَّ عَلَیْكُمْ رَصَداً مِنْ أَنْفُسِكُمْ، وَ عُیُوناً مِنْ جَوَارِحِكُمْ، وَ حُفَّاظَ صِدْقٍ یَحْفَظُونَ أَعْمَالَكُمْ، وَ عَدَدَ أَنْفَاسِكُمْ، لاَ تَسْتُرُكُمْ مِنْهُمْ ظُلْمَةُ لَیْلٍ دَاجٍ، وَ لاَ یُكِنُّكُمْ مِنْهُمْ بَابٌ ذُو رِتَاجٍ.

وَ إِنَّ غَداً مِنَ الْیَوْمِ قَریبٌ، یَذْهَبُ الْیَوْمُ بِمَا فیهِ، وَ یَجی ءُ الْغَدُ لاَحِقاً بِهِ.

فَكَأَنَّ كُلَّ امْرئٍ مِنْكُمْ قَدْ بَلَغَ مِنَ الأَرْضِ مَنْزِلَ وَحْدَتِهِ، وَ مَخَطَّ حُفْرَتِهِ.

فَیَا لَهُ مِنْ بَیْتِ وَحْدَةٍ، وَ مَنْزِلِ وَحْشَةٍ، وَ مَفْرَدِ غُرْبَةٍ.

وَ كَأَنَّ الصَّیْحَةَ قَدْ أَتَتْكُمْ، وَ السَّاعَةَ قَدْ غَشِیَتْكُمْ، وَ بَرَزْتُمْ لِفَصْلِ الْقَضَاءِ، قَدْ زَاحَتْ عَنْكُمُ الأَبَاطِیلُ، وَ اضْمَحَلَّتْ عَنْكُمُ الْعِلَلُ، وَ اسْتَحَقَّتْ بِكُمُ الْحَقَائِقُ، وَ صَدَرَتْ بِكُمُ الأُمُورُ مَصَادِرَهَا.

فَاتَّعِظُوا بِالْغِیَرِ، وَ اعْتَبِرُوا بِالْعِبَرِ[57]، وَ انْتَفِعُوا بِالنُّذُرِ.

[صفحه 215]

فَأَسْأَلُ اللَّهَ الَّذی خَلَقَ الْمَوْتَ وَ الْحَیَاةَ لِیَبْلُوَكُمْ أَیُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً[58] أَنْ یُؤْمِنَنَا وَ إِیَّاكُمْ بِرَحْمَتِهِ مِنْ مَخُوفِ عَذَابِهِ، إِنَّهُ عَلی ذَلِكَ قَادِرٌ، وَ إِنَّا إِلَیْهِ رَاغِبُونَ[59].

إِسْتَعْمَلَنَا اللَّهُ وَ إِیَّاكُمْ بِطَاعَتِهِ وَ طَاعَةِ رَسُولِهِ، وَ عَفَا عَنَّا وَ عَنْكُمْ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ.


صفحه 209، 210، 211، 212، 213، 214، 215.








    1. ورد فی جمهرة الإسلام للشیزری نسخة مصورة عن نسخة مخطوطة ص 216 أ.
    2. ورد فی المصدر السابق.
    3. ورد فی المصدر السابق.
    4. ورد فی المصدر السابق.
    5. ورد فی جمهرة الإسلام للشیزری نسخة مصورة عن نسخة مخطوطة ص 216 أ.
    6. ورد فی المصدر السابق.
    7. ورد فی المصدر السابق.
    8. فكیف. ورد فی هامش نسخة الآملی ص 312.
    9. تغفلون. ورد فی مصادر نهج البلاغة للخطیب ج 3 ص 17 عن الإعجاز و الإیجاز للثعلبی.
    10. یغفل عنكم. ورد فی المصدر السابق.
    11. طمعتم. ورد فی المصدر السابق.
    12. بعمارتها. ورد فی نسخة نصیری ص 114.
    13. الواقعة، 10، 11. و وردت الفقرة فی جمهرة الإسلام للشیزری نسخة مصورة عن نسخة مخطوطة ص 216 أ.
    14. ورد فی المصدر السابق.
    15. ورد فی المصدر السابق.
    16. ورد فی المصدر السابق.
    17. ورد فی المصدر السابق. و القیامة وردت فی نسخ النهج.
    18. ورد فی المصدر السابق.
    19. ورد فی المصدر السابق.
    20. ورد فی المصدر السابق.
    21. القیامة. ورد فی المصدر السابق.
    22. ورد فی المصدر السابق.
    23. ورد فی جمهرة الإسلام للشیزری نسخة مصورة عن نسخة مخطوطة ص 216 أ.
    24. ورد فی المصدر السابق.
    25. ضمّ. ورد فی المصدر السابق.
    26. باقیه. ورد فی نسخة العام 400 الموجودة فی المكتبة الظاهریة ص 187.
    27. متشابهة. ورد فی هامش نسخة نصیری ص 85. و متن شرح ابن أبی الحدید ج 9 ص 209. و صبحی الصالح ص 221.
    28. سوء. ورد فی نسخة العام 400 الموجودة فی المكتبة الظاهریة ص 187.
    29. انصرفت. ورد فی نسخة العام 400 ص 248. و نسخة ابن المؤدب ص 177. و نسخة نصیری ص 115. و نسخة الآملی ص 213. و نسخة الأسترابادی ص 284. و نسخة الجیلانی.
    30. ورد فی جمهرة الإسلام للشیزری نسخة مصورة عن نسخة مخطوطة ص 216 ب.
    31. كسفر. ورد فی جمهرة الإسلام للشیزری نسخة مصورة عن نسخة مخطوطة ص 216 ب.
    32. لذیذها. ورد فی المصدر السابق.
    33. سورة یس، 51، 52.
    34. ورد فی جمهرة الإسلام للشیزری نسخة مصورة عن نسخة مخطوطة ص 216 ب.
    35. ورد فی المصدر السابق.
    36. مستنّة. ورد فی المصدر السابق.
    37. ورد فی المصدر السابق.
    38. ورد فی المصدر السابق.
    39. غمّ. ورد فی هامش نسخة ابن المؤدب ص 177. و هامش نسخة الأسترابادی ص 284. و نسخة عبده ص 413. و نسخة العطاردی ص 284 عن شرح فیض الإسلام. و ورد عمیق فی نسخة العام 400 ص 248. و نسخة نصیری ص 115.

      و نسخة الأسترابادی ص 284. و ورد غمر فی

    40. ورد فی جمهرة الإسلام للشیزری نسخة مصورة عن نسخة مخطوطة ص 216 ب.
    41. ورد فی المصدر السابق.
    42. الزمر، 73.
    43. أمن العذاب. ورد فی نسخة العام 400 الموجودة فی المكتبة الظاهریة ص 248. و نسخة ابن المؤدب ص 177. و نسخة الآملی ص 213. و نسخة ابن أبی المحاسن ص 248. و نسخة عبده ص 413. و نسخة الصالح ص 282.
    44. ورد فی جمهرة الإسلام للشیزری نسخة مصورة عن نسخة مخطوطة ص 216 ب.
    45. ورد فی المصدر السابق.
    46. ورد فی المصدر السابق.
    47. ورد فی المصدر السابق.
    48. الجنّة مآبا، و الجزاء. ورد فی هامش نسخة نصیری ص 115. و نسخة الآملی ص 214. و نسخة ابن أبی المحاسن ص 248. و نسخة عبده ص 414. و متن بهج الصباغة ج 8 ص 172. و نسخة الصالح ص 282. و نسخة العطاردی ص 284.
    49. الفتح، 15.
    50. آل عمران، 133.
    51. ورد فی جمهرة الإسلام للشیزری نسخة مصورة عن نسخة مخطوطة ص 216 ب.
    52. الواقعة، 20 و 21.
    53. الواقعة، 18 و 19.
    54. ورد فی غرر الحكم للآمدی ج 1 ص 240.
    55. بالمسیر. ورد فی نسخة ابن المؤدب ص 113. و نسخة الآملی ص 130. و نسخة عبده ص 338. و نسخة العطاردی ص 181 عن نسخة موجودة فی مكتبة ممتاز العلماء فی لكنهور الهند.
    56. ورد فی غرر الحكم للآمدی ج 1 ص 340.
    57. بالعبر، و اعتبروا بالغیر. ورد فی نسخة العام 400 ص 188. و نسخة ابن المؤدب ص 134. و نسخة الآملی ص 130. و نسخة ابن أبی المحاسن ص 187. و نسخة عبده ص 339. و نسخة الصالح ص نسخة العطاردی ص 182.
    58. الملك، 3.
    59. ورد فی جمهرة الإسلام للشیزری عن نسخة مخطوطة ص 216 ب.