کد مطلب:90503 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:253
عَزیزَ الْجُنْدِ، عَظیمَ الْمَجْدِ. أَحْمَدُهُ عَلی تَظَاهُرِ نِعَمِهِ[1] شُكْراً لإِنْعَامِهِ، وَ أُثْنی عَلَیْهِ لِكَرَمِهِ وَ جَلاَلِهِ[2]، وَ أَسْتَعینُهُ عَلی تَأْدِیَةِ[3] وَظَائِفِ حُقُوقِهِ، وَ إِلْهَامِ تَوْفیقِهِ، وَ وَفَاءِ مَوَاثیقِهِ. وَ أَسْتَغْفِرُهُ مَغْفِرَةً یَغْفِرُ بِهَا ذُنُوبَنَا، وَ یَسْتُرُ بِهَا عُیُوبَنَا. وَ أُؤْمِنُ بِالَّذی مَنْ آمَنَ بِهِ أَمِنَ عِقَابَهُ، وَ وَقی عَذَابَهُ، وَ اسْتَحَقَّ ثَوَابَهُ. وَ أَتَوَكَّلُ عَلَیْهِ تَوَكُّلَ رَاضٍ بِقَضَائِهِ، صَابِرٍ لِبَلاَئِهِ، شَاكِرٍ لآلاَئِهِ. وَ أَسْتَهْدیهِ بِهُدَاهُ الَّذِی الاِقْتِصَارُ عَلَیْهِ سَلاَمَةٌ، وَ التَّمَسُّكُ بِهِ اسْتِقَامَةٌ، وَ التَّرْكُ لَهُ نَدَامَةٌ. وَ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ ضَلاَلَةٍ بَیِّنٌ تَضْلیلُهَا، حَذِرٌ تَوْبیلُهَا. وَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَریكَ لَهُ، شَهَادَةَ رَاغِبٍ، تَائِبٍ، صَادِقٍ، مُوقِنٍ، مُسْتَیْقِنٍ، مُحِقٍّ، مُسْتَحِقٍّ بِشَهَادَتِهِ مَا اسْتَحَقَّ أَهْلُ طَاعَتِهِ مِنْ مَذْخُورِ كَرَامَتِهِ[4]. [صفحه 209] وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ، أَرْسَلَهُ بِنُورٍ مُبینٍ سَاطِعٍ، وَ كِتَابٍ مُحْكَمٍ جَامِعٍ، وَ حَقٍّ عَنِ الْبَاطِلِ شَاسِعٍ، إِلی أَهْلِ جَاهِلِیَّةٍ جَهْلاَءَ، یَعْبُدُونَ الأَصْنَامَ، وَ یُحِلُّونَ الْحَرَامَ، وَ یَسْتَقْسِمُونَ بِالأَزْلاَمِ، فَ[5] دَعَا إِلی طَاعَتِهِ، وَ قَاهَرَ أَعْدَاءَهُ جِهَاداً عَنْ دینِهِ، لاَ یَثْنیهِ عَنْ ذَلِكَ اجْتِمَاعٌ عَلی تَكْذیبِهِ، وَ الْتِمَاسٌ لإِطْفَاءِ نُورِهِ. فَبَلَّغَ عَنْهُ حَقَائِقَ الرِّسَالَةِ، وَ اسْتَنْقَذَ بِهِ مِنْ بَوَائِقِ الْضَّلاَلَةِ، وَ نَكَبَ لَهُ وَثَائِقَ عُری أَهْلِ الْجَهَالَةِ، وَ كَانَ، كَمَا وَصَفَهُ اللَّهُ، بِهِمْ رَؤُوفاً رَحیماً، صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ. أُوصیكُمْ، عِبَادَ اللَّهِ، بِتَقْوَی اللَّهِ، فَإِنَّ تَقْوَی اللَّهِ نَجَاةٌ مِنْ كُلِّ غَصَبٍ، وَ قُرْبَةٌ إِلی كُلِّ رَغَبٍ، وَ مَعْقِلٌ مِنْ كُلِّ هَرَبٍ، وَ هِیَ وَصِیَّةٌ غِبُّ الْعَمَلِ بِهَا حُبُورٌ، وَ عَافِیَةٌ وَ سُرُورٌ، وَ سَعْیُ الْعَمَلِ بِهَا مَشْكُورٌ. وَ أُحَذِّرُكُمْ مَعْصِیَةَ اللَّهِ، فَإِنَّ لَهَا قَائِداً إِلَی الْهَلاكِ، وَ ذَائِداً عَنِ الْفَكَاكِ، تَذُودُ عَنْهُ كُلَّ مُسْتَهْلَكٍ، [ وَ ] تَسْلُكُ بِهِ مِنَ الرَّدی كُلَّ مَسْلَكٍ، تَعْمَدُ بِهِ عَنْ طَریقِ الْهُدی، وَ تُرْدیهِ مِنْ شَوَاهِقِ الرَّدی[6]. أُوصیكُم، أَیُّهَا النَّاسُ، بِتَقْوَی اللَّهِ، وَ كَثْرَةِ حَمْدِهِ عَلی آلاَئِهِ إِلَیْكُمْ، وَ نَعْمَائِهِ عَلَیْكُمْ وَ بَلاَئِهِ لَدَیْكُمْ. فَكَمْ خَصَّكُمْ بِنِعْمَةٍ، وَ تَدَارَكَكُمْ بِرَحْمَةٍ. أَعْوَرْتُمْ لَهُ فَسَتَرَكُمْ، وَ تَعَرَّضْتُمْ لأَخْذِهِ فَأَمْهَلَكُمْ. فَاعْتَصِمُوا بِتَقْوَی اللَّهِ، فَإِنَّ لَهَا حَبْلاً وَثیقاً عُرْوَتُهُ، وَ مَعْقِلاً مَنیعاً ذِرْوَتُهُ، لاَ یَرُومُ أَهْلُ الْمَعْصِیَةِ نَیْلَ مَرَامِهَا، وَ لاَ یَهْتَدُونَ لأَعْلاَمِهَا، وَ لا یُسَدَّدُونَ لإِلْهَامِهَا[7]. وَ أُوصیكُمْ بِذِكْرِ الْمَوْتِ وَ إِقْلاَلِ الْغَفْلَةِ عَنْهُ. وَ كَیْفَ[8] غَفْلَتُكُمْ[9] عَمَّا لَیْسَ یَغْفَلُكُمْ[10]، وَ طَمَعُكُمْ[11] فیمَا لَیْسَ یُمْهِلُكُمْ. [صفحه 210] فَكَفی وَاعِظاً بِمَوْتی عَایَنْتُمُوهُمْ، حُمِلُوا إِلی قُبُورِهِمْ غَیْرَ رَاكِبینَ، وَ أُنْزِلُوا فیهَا غَیْرَ نَازِلینَ، فَكَأَنَّهُمْ لَمْ یَكُونُوا لِلدُّنْیَا عُمَّاراً، وَ كَأَنَّ الآخِرَةَ لَمْ تَزَلْ لَهُمْ دَاراً. أَوْحَشُوا مَا كَانُوا یُوطِنُونَ، وَ أَوْطَنُوا مَا كَانُوا یُوحِشُونَ، وَ اشْتَغَلُوا بِمَا فَارَقُوا، وَ أَضَاعُوا مَا إِلَیْهِ انْتَقَلُوا، لاَ عَنْ قَبیحٍ یَسْتَطیعُونَ انْتِقَالاً، وَ لاَ فی حَسَنٍ یَسْتَطیعُونَ ازْدِیَاداً. أَنِسُوا بِالدُّنْیَا فَغَرَّتْهُمْ، وَ وَثِقُوا بِهَا فَصَرَعَتْهُمْ. فَسَابِقُوا، رَحِمَكُمُ اللَّهُ، إِلی مَنَازِلِكُمُ الَّتی أُمِرْتُمْ أَنْ تَعْمُرُوهَا[12]، وَ الَّتی رُغِّبْتُمْ فیهَا، وَ دُعیتُمْ إِلَیْهَا. وَ اسْتَتِمُّوا نِعَمَ اللَّهِ عَلَیْكُمْ بِالصَّبْرِ عَلی طَاعَتِهِ، وَ الْمُجَانَبَةِ لِمَعْصِیَتِهِ، فَإِنَّمَا أَنْتُمْ سَیَّارَةُ مَنْهَجٍ مُسَابِقٌ إِلَی الْغَایَةِ، وَ دَالٌّ وَ مُرْتَجٍ، وَ مَسْبُوقٌ مُتَرَدِّدٌ فی عَیٍّ مُلْجِجٍ، فَإِنَّ اللَّهَ یَقُولُ فی كِتَابِهِ: اَلسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ[13]. وَ بَادِرُوا الْمَوْتَ وَ سَكَرَاتِهِ[14] وَ غَمَرَاتِهِ، وَ فَوْرَاتِهِ وَ سَوْرَاتِهِ[15]، وَ امْهَدُوا لَهُ قَبْلَ حُلُولِهِ، وَ أَعِدُّوا لَهُ قَبْلَ نُزُولِهِ. وَ اغْتَنِمُوا الصِّحَّةَ فِی الدُّنْیَا فَإِنَّهَا مَنْهَجُ الْعِبَادِ، وَ إِنَّ الْمَوْتَ هُوَ الْجَادُّ، وَ[16] إِنَّ الْغَایَةَ یَوْمَ التَّنَادِ[17]. وَ كَفی بِالْمَوْتِ سَائِقاً وَ لا حِقاً وَ نَاعِقاً، وَ كَفی بِالتَّفَكُّرِ[18] بِذَلِكَ وَاعِظاً لِمَنْ عَقَلَ، وَ حَافِظاً لِمَنْ عَمِلَ[19]، وَ مُعْتَبَراً لِمَنْ جَهِلَ. وَ مِنْ وَرَاءِ الْمَوْتِ، وَ[20] قَبْلَ بُلُوغِ الْغَایَةِ[21] مَا تَعْلَمُونَ، مِنْ ضیقِ الأَرْمَاسِ، وَ طُولِ الْیَأْسِ[22]، [صفحه 211] وَ شِدَّةِ الاِبْلاَسِ، وَ هَوْلِ الْمُطَّلَعِ، وَ طُولِ الْجَزَعِ[23]، وَ رَوْعَاتِ الْفَزَعِ، وَ اخْتِلاَفِ الأَضْلاَعِ، وَ اسْتِكَاكِ الأَسْمَاعِ، وَ تَعَرُّقِ الأَوْصَالِ، وَ مُعَایَنَةِ الأَهْوَالِ[24]، وَ ظُلْمَةِ اللَّحْدِ، وَ خیفَةِ الْوَعْدِ، وَ غَمِّ[25] الضَّریحِ، وَ رَدْمِ الصَّفیحِ، فَإِنَّ غَداً مِنَ الْیَوْمِ قَریبٌ. مَا أَسْرَعَ السَّاعَاتِ فِی الْیَوْمِ، وَ أَسْرَعَ الأَیَّامَ فِی الشَّهْرِ، وَ أَسْرَعَ الشُّهُورَ فِی السَّنَةِ، وَ أَسْرَعَ السِّنینَ فِی الْعُمُرِ. عِبَادَ اللَّهِ، إِنَّ الدَّهْرَ یَجْری بِالْبَاقینَ كَجَرْیِهِ بِالْمَاضینَ، لاَ یَعُودُ مَا قَدْ وَلَّی مِنْهُ، وَ لاَ یَبْقی سَرْمَداً مَا فیهِ[26]، آخِرُ فِعَالِهِ كَأَوَّلِهِ، مُتَسَابِقَةٌ[27] أُمُورُهُ، مُتَظَاهِرَةٌ أَعْلاَمُهُ. فَكَأَنَّكُمْ بِالسَّاعَةِ تَحْدُوكُمْ حَدْوَ الزَّاجِرِ بِشَوْلِهِ، فَمَنْ شَغَلَ نَفْسَهُ بِغَیْرِ نَفْسِهِ تَحَیَّرَ فِی الظُّلُمَاتِ، وَ ارْتَبَكَ فِی الْهَلَكَاتِ، وَ مَدَّتْ بِهِ شَیَاطینُهُ فی طُغْیَانِهِ، وَ زَیَّنَتْ لَهُ سَیِ ءَ[28] أَعْمَالِهِ. فَالْجَنَّةُ غَایَةُ السَّابِقینَ، وَ النَّارُ غَایَةُ الْمُفَرِّطینَ. إِعْلَمُوا، عِبَادَ اللَّهِ، أَنَّ التَّقْوی دَارُ حِصْنٍ عَزیزٍ، وَ الْفُجُورَ دَارُ حِصْنٍ ذَلیلٍ، لاَ یَمْنَعُ أَهْلَهُ، وَ لاَ یُحْرِزُ مَنْ لَجَأَ إِلَیْهِ. أَلاَ وَ بِالتَّقْوی تُقْطَعُ حُمَةُ الْخَطَایَا، وَ بِالْیَقینِ تُدْرَكُ الْغَایَةُ الْقُصْوی. فَاللَّهَ اللَّهَ، عِبَادَ اللَّهِ، فَإِنَّ الدُّنْیَا مَاضِیَةٌ بِكُمْ عَلی سَنَنٍ، وَ أَنْتُمْ وَ السَّاعَةُ فی قَرَنٍ. وَ كَأَنَّهَا قَدْ جَاءَتْ بِأَشْرَاطِهَا، وَ أَزِفَتْ بِأَفْرَاطِهَا، وَ وَقَفَتْ بِكُمْ عَلی صِرَاطِهَا. وَ كَأَنَّهَا قَدْ أَشَرَفَتْ بِزَلاَزِلِهَا، وَ أَنَاخَتْ بِكَلاَكِلِهَا. وَ انْصَرَمَتِ[29] الدُّنْیَا بِأَهْلِهَا، وَ مَضَتْ بِهِمْ عَلی مَهْلِهَا[30]، وَ أَخْرَجَتْهُمْ مِنْ حِضْنِهَا، وَ كَانَتْ [صفحه 212] كَیَوْمٍ مَضی، أَوْ شَهْرٍ[31] انْقَضی، وَ صَارَ جَدیدُهَا رَثّاً، وَ سَمینُهَا[32] غَثّاً. وَ نُفِخَ فِی الصُّورِ فَإِذَاهُمْ مِنَ الأَجْدَاثِ إِلی رَبِّهِمْ یَنْسِلُونَ قَالُوا یَا وَیْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمنُ وَ صَدَقَ الْمُرْسَلُونَ[33]. فَحُشِرَ جَمیعُ الْخَلْقِ، مِنْ غَرْبٍ وَ شَرْقٍ، فَقُضِیَ بَیْنَهُمْ بِالْحَقِّ، فی یَوْمِ حَسْرَةٍ وَ تَأَسُّفٍ، وَ كَآبَةٍ وَ تَلَهُّفٍ، وَ جَزَعٍ وَ هَلَعٍ، وَ حُزْنٍ وَ غَبْنٍ، وَ عَبْرَةٍ وَ سَكْرَةٍ، وَ بُعْدِ رَدَّةٍ وَ تَتَابُعِ شِدَّةٍ وَ طُولِ مُدَّةٍ، وَ هَوْلٍ لَیْسَ كَالأَهْوَالِ، وَ أَغْلاَلٍ لَیْسَتْ كَالأَغْلاَلِ[34]. فی مَوْقِفٍ ضَنْكِ الْمَقَامِ، وَ یَوْمٍ لَیْسَ كَالأَیَّامٍ[35]، وَ أُمُورٍ مُشْتَبِهَةٍ[36] عِظَامٍ، وَ نَصَبٍ مَوْكُوسٍ، وَ حَظٍّ مَنْحُوسٍ. فی[37] نَارٍ شَدیدٍ كَلَبُهَا، عَالٍ لَجَبُهَا، سَاطِعٍ لَهَبُهَا، مُتَغَیِّظٍ زَفیرُهَا، مُتَأَجِّجٍ سَعیرُهَا، مُسْتَطیرٍ شَرَرُهَا[38]، ذَاكٍ وُقُودُهَا، بَعیدٍ خُمُودُهَا، مَخُوفٍ وَعیدُهَا، عَمٍ[39] قَرَارُهَا، شَدیدٍ اسْتِعَارُهَا[40]، مُظْلِمَةٍ أَقْطَارُهَا، حَامِیَةٍ قُدُورُهَا، فَظیعَةٍ أُمُورُهَا. شَرَابُهُمْ فیهَا الصَّدیدُ، مَعَ الْمُهْلِ وَ مَقَامِعِ الْحَدیدِ، وَ تَبْدیلِ جُلُودٍ كُلَّمَا نَضَجَتْ جُلُودٌ، مَعَ أَقْرَاحٍ مِنَ الْعَذَابِ الدَّائِمِ، وَ أَرْوَاحٍ مِنَ الْعَذَابِ اللاَّزِمِ، وَ مَعَ حَرِّ السَّمُومِ، وَ تَصَهُّرِ الزَّقُّومِ، وَ نَمیرِ الْحَمیمِ، وَ غَلْی الْجَحیمِ. نَعُوذُ بِالَّذی خَلَقَهَا مِنْ شُرُورِهَا وَ أَلیمِ سَعیرِهَا[41]. [صفحه 213] وَ سیقَ الَّذینَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَی الْجَنَّةِ زُمَراً[42]. قَدْ أَمِنُوا الْعَذَابَ[43]، وَ انْقَطَعَ عَنْهُمُ الْعِتَابُ، وَ فُتِّحَتْ لَهُمُ الأَبْوَابُ[44]، وَ زُحْزِحُوا عَنِ النَّارِ، وَ اطْمَأَنَّتْ بِهِمُ الدَّارُ، وَ رَضُوا الْمَثْوی وَ الْقَرَارَ. اَلَّذینَ كَانَتْ أَعْمَالُهُمْ فِی الدُّنْیَا زَاكِیَةً، وَ أَعْیُنُهُمْ مِنْ خَوْفِهِ[45] بَاكِیَةً. وَ كَانَ لَیْلُهُمْ فی دُنْیَاهُمْ نَهَاراً تَخَشُّعاً وَ اسْتِغْفَاراً، وَ كَانَ نَهَارُهُمْ فیهَا[46] لَیْلاً تَوَحُّشاً وَ انْقِطَاعاً. لَمْ یُلْهِهِمُ الأَمَلُ عَنِ التَّأَهُّبِ لانْقِطَاعِ الأَجَلِ[47]. فَجَعَلَ اللَّهُ لَهُمُ الْجَنَّةَ[48] ثَوَاباً، وَ كَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَ أَهْلَهَا[49]. یَقُولُ اللَّهُ تَعَالی: سَارِعُوا إِلی مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَ جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّموَاتُ وَ الأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقینَ[50]. تَبْهَجُ الأَنْفُسُ لِخَضْرَتِهَا، وَ تَسْتَریحُ الْقُلُوبُ لِحُسْنِهَا وَ نَضْرَتِهَا. ذَاتُ رِیَاضٍ مُونِقَةٍ، وَ أَزْوَاجٍ [ مُطَهَّرَةٍ، وَ حُورٍ ] عینٍ، وَ خَدَمٍ كَاللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ. فی قُصُورٍ مِنْ یَاقُوتٍ مُنیفَةٍ، وَ غُرَفٍ مُشْرِفَةٍ مَحْفُوفَةٍ، وَ سُرُرٍ مُتَقَابِلَةٍ مَصْفُوفَةٍ[51]. فی مُلْكٍ دَائِمٍ، وَ نَعیمٍ قَائِمٍ، وَ عَیْشٍ مُلاَئِمٍ، وَ شَمْلٍ غَیْرِ مُفَاقِمٍ، وَ فَاكِهَةٍ مِمَّا یَتَخَیَّرُونَ وَ لَحْمِ طَیْرٍ مِمَّا یَشْتَهُونَ[52]، وَ كَأْسٍ مِنْ مَعینٍ لاَ یُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَ لاَ یُنْزِفُونَ[53]. [صفحه 214] عِبَادَ اللَّهِ، أَللَّهَ اللَّهَ فی أَعَزِّ الأَنْفُسِ عَلَیْكُمْ، وَ أَحَبِّهَا إِلَیْكُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَ[54] تَعَالی قَدْ أَوْضَحَ لَكُمْ سَبیلَ الْحَقِّ، وَ أَنَارَ طُرُقَهُ، فَشِقْوَةٌ لاَزِمَةٌ، أَوْ سَعَادَةٌ دَائِمَةٌ. فَتَزَوَّدُوا فی أَیَّامِ الْفَنَاءِ لأَیَّامِ الْبَقَاءِ، فَقَدْ دُلِلْتُمْ عَلَی الزَّادِ، وَ أُمِرْتُمْ بِالظَّعْنِ، وَ حُثِثْتُمْ عَلَی الْمَسیرِ، فَإِنَّمَا أَنْتُمْ كَرَكْبٍ وُقُوفٍ لاَ یَدْرُونَ مَتی یُؤْمَرُونَ بِالسَّیْرِ[55]. أَلاَ فَمَا یَصْنَعُ بِالدُّنْیَا مَنْ خُلِقَ لِلآخِرَةِ، وَ مَا یَصْنَعُ بِالْمَالِ مَنْ عَمَّا قَلیلٍ یُسْلَبُهُ، وَ تَبْقی عَلَیْهِ تَبِعَتُهُ وَ حِسَابُهُ. عِبَادَ اللَّهِ، إِنَّهُ لَیْسَ لِمَا وَعَدَ اللَّهُ مِنَ الْخَیْرِ مَتْرَكٌ، وَ لاَ فیمَا نَهَی اللَّهُ عَنْهُ مِنَ الشَّرِّ مَرْغَبٌ. عِبَادَ اللَّهِ، احْذَرُوا یَوْماً تُفْحَصُ فیهِ الأَعْمَالُ، وَ یَكْثُرُ فیهِ الزِّلْزَالُ، وَ تَشیبُ فیهِ الأَطْفَالُ. فَارْعَوْا، عِبَادَ اللَّهِ، مَا بِرِعَایَتِهِ یَفُوزُ فَائِزُكُمْ، وَ بِإِضَاعَتِهِ یَخْسَرُ مُبْطِلُكُمْ. وَ بَادِرُوا آجَالَكُمْ بِأَعْمَالِكُمْ، فَإِنَّكُمْ مُرْتَهَنُونَ بِمَا أَسْلَفْتُمْ، وَ مَدینُونَ بِمَا قَدَّمْتُمْ، وَ مُطَالَبُونَ بِمَا خَلَّفْتُمْ[56]. وَ كَأَنْ قَدْ نَزَلَ بِكُمُ الْمَخُوفُ، فَلاَ رَجْعَةَ تَنَالُونَ، وَ لاَ عَثْرَةَ تُقَالُونَ. إِعْلَمُوا، عِبَادَ اللَّهِ، أَنَّ عَلَیْكُمْ رَصَداً مِنْ أَنْفُسِكُمْ، وَ عُیُوناً مِنْ جَوَارِحِكُمْ، وَ حُفَّاظَ صِدْقٍ یَحْفَظُونَ أَعْمَالَكُمْ، وَ عَدَدَ أَنْفَاسِكُمْ، لاَ تَسْتُرُكُمْ مِنْهُمْ ظُلْمَةُ لَیْلٍ دَاجٍ، وَ لاَ یُكِنُّكُمْ مِنْهُمْ بَابٌ ذُو رِتَاجٍ. وَ إِنَّ غَداً مِنَ الْیَوْمِ قَریبٌ، یَذْهَبُ الْیَوْمُ بِمَا فیهِ، وَ یَجی ءُ الْغَدُ لاَحِقاً بِهِ. فَكَأَنَّ كُلَّ امْرئٍ مِنْكُمْ قَدْ بَلَغَ مِنَ الأَرْضِ مَنْزِلَ وَحْدَتِهِ، وَ مَخَطَّ حُفْرَتِهِ. فَیَا لَهُ مِنْ بَیْتِ وَحْدَةٍ، وَ مَنْزِلِ وَحْشَةٍ، وَ مَفْرَدِ غُرْبَةٍ. وَ كَأَنَّ الصَّیْحَةَ قَدْ أَتَتْكُمْ، وَ السَّاعَةَ قَدْ غَشِیَتْكُمْ، وَ بَرَزْتُمْ لِفَصْلِ الْقَضَاءِ، قَدْ زَاحَتْ عَنْكُمُ الأَبَاطِیلُ، وَ اضْمَحَلَّتْ عَنْكُمُ الْعِلَلُ، وَ اسْتَحَقَّتْ بِكُمُ الْحَقَائِقُ، وَ صَدَرَتْ بِكُمُ الأُمُورُ مَصَادِرَهَا. فَاتَّعِظُوا بِالْغِیَرِ، وَ اعْتَبِرُوا بِالْعِبَرِ[57]، وَ انْتَفِعُوا بِالنُّذُرِ. [صفحه 215] فَأَسْأَلُ اللَّهَ الَّذی خَلَقَ الْمَوْتَ وَ الْحَیَاةَ لِیَبْلُوَكُمْ أَیُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً[58] أَنْ یُؤْمِنَنَا وَ إِیَّاكُمْ بِرَحْمَتِهِ مِنْ مَخُوفِ عَذَابِهِ، إِنَّهُ عَلی ذَلِكَ قَادِرٌ، وَ إِنَّا إِلَیْهِ رَاغِبُونَ[59]. إِسْتَعْمَلَنَا اللَّهُ وَ إِیَّاكُمْ بِطَاعَتِهِ وَ طَاعَةِ رَسُولِهِ، وَ عَفَا عَنَّا وَ عَنْكُمْ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحیمِ اَلْحَمْدُ للَّهِ الَّذی جَعَلَ الْحَمْدَ مِفْتَاحاً لِذِكْرِهِ، وَ سَبَباً لِلْمَزیدِ مِنْ فَضْلِهِ، وَ دَلیلاً عَلی آلائِهِ وَ عَظَمَتِهِ.
صفحه 209، 210، 211، 212، 213، 214، 215.
و نسخة الأسترابادی ص 284. و ورد غمر فی